لاحظت وفاء تغيرا في وجه سمير ، نبرات صوته ليست كما اعتادت ، نعم انه لم تفارقه الرقة الذي تميز بها ولكن رقته وحنانه فيهما شيء .. هذه التحية التى يلقيها لاتحمل نبض قلبه .. وتخفي الكثير .... مرت لحظات عصيبة ، احست وفاء كأن قلبها ينقبض ، انه سمير حبيب عمرها ، لابد ان وراء ذلك اسباب ، فهو يعرض عن الحديث معها ، ويحاول اخفاء ما في نفسه بملاعبة الاولاد ، حاولت وفاء الاقتراب منه ولكنه اعتذر برقة ، وذهب الى فراشه تابعته وفاء وكلن سرعان ما أطفأ النور ونام ..
عادت وفاء من امام حجرة النوم وهى تشعر ان البيت يضيق بها وازدادت دقات قلبها ، كيف ترتاح وزوجها على هذه الحال ، اسرعت الى الاولاد ، اطمأنت عليهم ، رتبت كتب خالد ونهى ، اخذتهما مع اخويهما منى واحمد الى حجرة نومهم وبعد ان دعا كل منهم بدعاء ما قبل النوم : بسمك اللهم وضعت جنبي وبك ارفعه ، ان امسكت نفسي فارحمها ، وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ثم قرأ كل منهما اواخر سورة البقرة وقل هو الله احد ، وقل اعوذ برب الفلق ، وقل اعوذ برب الناس .. أطفأت المصباح وخرجت تجلس في حجرة الانتريه .. جلست وفاء تفكر ...
هل حدث في العمل ما يغضبه ، لكن سمير لا يدخل العمل في المنزل .. فهو حريص جداً هل من اصحابه من اصابه مكروه ؟ .. لا . وان حدث فإن من عادته ان يشير الى ذلك يقول مثلا رحم الله فلانا .. او مثلها . والده ووالدته واخوته كلهم بخير الحمد لله ... استعرضت وفاء الاحداث وتذكرت انها السبب في هذا كله بسس الاهمال الذي حدث منها ، ولكن ماذا تقعل الاّن ؟ كيف تصالحه ؟!! ذهبت الى حجرة النوم ، ووضعت أصابعها بين شعره ، تترقب منه التفاتة كي تعتذر اليه ، أخذت تقول : سامحنى يا سمير انا المخطئة ، لقد اهملت فيما طلبت ، قد تسول نفسي لى الاعتذار بالأولاد والبيت ما أسهل هذا ولكن الحقيقة ان الاهمال هو السبب ، فالوقت يتسع لأكر من هذا .. سمير انا لا احب ان اخالفك ، سعادتى ان افعل ما تريد واشعر بك دوما الى جواري ، ونزلت قطرات دموعها على وجهه .. كان سمير يتصنع النوم ، وما ان لمست الدموع خده ، حتى استدار وضم وفاء الى صدره وقال : الحمد لله ، كل الذي احببته ان تعرفي خطأك حتى لا يتكرر ، وكنت متأكدا من انك ستوفقين سريعا ، ان الزوجة الصالحة لا بد ان تكون عونا لزوجها ، ووضع يديه على خدها يمسح قطرات الدموع الباقية وهو يقول : اتبكين ؟؟
قالت وفاء كيف لا ابكي وقد رأيتك حزينا ، غاضبا منى ، فبدلا من ان اكون سبب سعادتك ، صرت سببا في حزنك ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا : رجل اُّم قوما وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، واخوان متصارمان " فكيف لا ابطي وقد اغضبت ارق زوج وانبل زوج ؟
قال سمير : وانا ما كنت انام الا بعد العتاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلى " . قالت وفاء : الحمد لله كل شئ في البيت الاّن يضحك ، اما قلبي فهو في منتهى السعادة لرضاك عنى . قال سمير : " ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين وجعلنا للمتقين اماما " ..
كانت وفاء في زيارة اختها دعاء ، جلس الاولاد يلعبون معا ووفاء تراقبهم وبعد شرب الشاي جمعت وفاء الاولاد واخذت تقص عليهم حكاية الفتى حسان ، الفتى المصري الشجاع الذي دخل معسكر الاعداء حين كانوا محتلين مصر الحبيبة ـ وتكلم بكل قوة وايمان وعبر عن قضية وطنه وقال : عليكم ان تخرجوا من ارضنا ، مصر لنا ، مصر للاسلام .. تحكي وفاء وتعبر بالاشارة وهي تحكي حكاية بعد حكاية والاولاد في فرح كبير
دق جرس الباب ، وكانت القادمة جارة دعاء ، دخلت ومعها ابنها وابنتها ولعب الاولاد جميعا ، وجلست الجارة تحكي عن ابنتها ، وانها تقوم كل يوم من النوم بفزع شديد ، وتصرخ خلاص يا ماما ، خلاص يا ماما ، وانها اخذتها لاكثر من طبيب ، ولكن لا فائدة ، والمحزن انها تتبول على نفسها رغم ان سنها سبع سنوات . . . قالت دعاء : لعب الاولاد طول النهار ، والمجهود الذي يبذلونه هو السبب . . قالت الجارة : انا لم اهمل في تربيتها وانا احبها جدا لانها ابنتي الوحيدة تعبت مع الاطباء .. ولا فائدة وفاء : الم يخبرك الطبيب بوجود سبب عضوى لما يحدث لها ؟ الجارة : لا وفاء : هل هذا الفزع منذ فترة طويلة ؟ الجارة : منذ كان عمرها 4 سنوات وفاء : ماذا كانتتقول ؟ الجارة : تردد بعض الحكايات التى كنت احكيها لها قبل النوم وفاء : وماذا كنت تحكين ؟ الجارة : كانت تحب السهر ، ومتعلقة بي جدا وانا كنت احب ان تنام كي استريح واكلم اخوتى في التليفون ، واشاهد المسلسل وانا مرتاحة فكنت احكى الحكايات التى نعرفها جميعا كي تنام . وفاء : انا لا اعلم ماذا تقصين عليها واريد ان اعرفك منك ماكنت تحكين ؟ الجارة : حكاية امنا الغولة ، ابو رجل مسلوخة ، وحجرة الفيران وغرها من القصص كي تخاف وتنام وفاء -وفي نبرتها حدة- : هذا هو السبب ، ارتبط النوم عندها بفزع والخوف كلما نامت تذكرت .. ففقدت السيطرة على اعصابها دعاء : هذا حقيقة يا وفاء ، والاّن تطور الموقف ، فالامهات تركن الاولاد امام التليفزيون كى تتفرغ للمطبخ والاطفال يشاهدون البرامج ويحاولون تقليدها . كيف يمسك ذيل القطة التى قد تؤذيه ؟ ، بل كيف يرمي نفسه من على السرير او من الشباك وغير ذلك من حكايات تؤثر في الاولاد وفاء : كل هذا لان الامهات لم يعد لهن صبر على تربية الاولاد دعاء : يكفي المكالمات الهاتفية التى تضيع وقت الام .. وفاء : والزيارات . دعاء : الاولاد امانة تحتاج الى رعاية ، ولذلك جعل الله الام احق الناس بالصحبة من الوالد لانها ترهق كثيرا الجارة : ولكن ماذا يحكى للأطفال قبل النوم ؟ دعاء : قصص عن الامانة ، الشجاعة ، الصدق .. وفاء : قصص الانبياء الصالحين .. دعاء : قصص الاطفال الذين تقدموا في بلادهم وصاروا ابطالا صالحين وفاء : والمعانى العظيمة ، واقل شيء سرد ماحدث في يومهم الجارة : ولكن ماذا افعل الاّن ؟ دعاء : حسن ملاطفتك لابنتك عند النوم وجلوسك الى جوارها فترة طويلة ، وعليكي بحكايات الخير ، والقصص الطيب شيئا فشيئا وباذن الله يذهب عنها ماهى فيه .. وفاء : لقد كتب سمير يوما على لسان طفل هذه الكلمات
لا تجرحوا الورد بالاشواك لا تقتلوا طفولتى بقصص باليات اورثتمونى الرعب والاّهات قتلتم خيالي جعلتم احلامى ان اخرج من الكهف ولا ادخل حجرة الذئب اّه من صاحب الرجل كيف سلخوها له مزقتمونى بين رعب وخوف واحببتمونى بين اهمال وضرب ليتكم تعلمتم كيف يربي الاسلام .. بحنان يفوق البيان يوم ركب الحسن والحسين على ظهر النبي ولد عدنان وكل صغير يسميه .. يحنكه ، يلاعبه ولا يغضب من بوله فوق الثياب اعيدوا طفولتى اخرجونى من بئر الغولا شعرها يرعب الجبال قلبي رقيق يحتاج الى رقة انسان الى بسمة بشوق وارشاد بالقراّن اجعلونى عزيزا كى ادفع عن امتى باقي الزمان
دعاء : بسم الله ما شاء الله ، بارك الله فيك يا سمير الجارة : وكيف حال الاستاذ سمير مع الاولاد .. وفاء : يحكي لهم قصص القراّن والسنة او كلام طيب الجارة : نريد مثالا وفاء : حكى لهم قصة حول الامانة بعنوان (( كفي بالله شهيداً )) * عن رجل تاجر اقترض مبلغا من المال واراد صاحب الدين شاهدا ، فقال التاجر كفى بالله شهيداً ، قال الرجل رصيت بالله ، وسافر التاجر وعندما حل موعد الرجوع وسداد الدين لم يجد سفينة ، وخاف من التاخير، فوجد قطعة خشب فرغها من الداخل ووضع المال ومعه رسالة الى صاحب الدين ، وفي الموعد المحدد خرج صاحب الدين ينتظر السفينة فلم تحضر ، ووجد قطعة الخشب تحملها الامواج ، قال اخدها استدفئ بها مع الاولاد ، فلما كسرها وجد المال والرسالة ، وبعد فترة عاد ، وذهب ليسدد المال فقال الرجل وصل المال والرسالة .. دعاء : جميلة فيها فوائد الحرص على اداء الامانة وفوائد اخرى نظرت وفاء في ساعتها وقالت : استأذن لان الوقت تأخر ، سلمت على اختها وجارتها واخذت الاولاد وعادت ، فوجدت سمير معه ضيوف له ، فأعدت لهم طعام العشاء ثم نادت عليه ليأخذ الشاي .. قال لها سمير : سوف نسهر .. تفضلي انت .. شكرته وفاء لانها كانت مرهقة .. انامت الاولاد ثم ذهبت الى فراشها
ـــــــــ
* هذه القصة من مجموعة من قصص كتبها المؤلف صدر منها خمس : القوم البهت ، ماشطة ابنة فرعون ، الملك صانع الطوب ، توبة الكفل ، كفى بالله شهيداً .. وهى قصص مستوحاة من الاحاديث النبوية الشريفة
نعتذر عن الانقطاع الذي تسبب ب ( طفشان ) الزوار والاعضاء امتحانات وثانوية عامة ربنا ما يوريكم
علمت وفاء من سمير انه لن يخرج اليوم مساء ، استأذنته في زيارة زوجة ( ... ) فأذن لها ، فأخذت معها احمد و تركت بقية الاولاد في حفظ الله ثم والدهم . استقبلتها صديقتها بكل ترحاب ، وكلن الحزن واضح عليها ، سلمت وفاء ودخلا حجرة الصالون .. ــ الحقيقة انا اسفة لم احضر لزيارتك ، كما تعلمين الاولاد ، كيف حالك انت والأولاد ، وماما والاسرة كلها ؟؟ ــ الحمد لله كلنا بخير ــ لكن يا حبيبتي ، انا منذ فترة لاحظت تغير صوتك في الهاتف ، وعندما رأيتك تأكد لى ان هناك حزنا يسيطر عليك ، اين ابتسامتك ومزاحك ؟؟ ــ ماذا أفعل يا وفاء ، خلاص .. الذي يبدو لى اننى ما عدت اصلح لاي شيء ، الحمد لله على كل حال ــ ما هذا اليأس الذي لم اره عليك من قبل ، انت بخير والحمد لله وعلى احسن حال .. اللهم لا حسد ...... ــ كان زمان .. !! ــ كان زمان !!!! انت بخير والحمد لله ، وربنا يبارك في زوجك وأولادك وصحتك ، والبيت كله على احسن حال .. ــ نصيب يا وفاء ، ان والله عملت كل ما استطيع لكي اجعل هذا البيت سعيدا ، هذه اقدار الله ــ ماذا تعنين ؟ ما الخبر ؟ قالت وفاء وهى في منتهى الدهشة !! ــ نصيب ، انا طلبت منه الطلاق ! ــ الطلاق !! لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ومرت لحظة من الصمت الرهيب ، وصديقتها تجفف الدموع من عينيها ووفاء تحاول ان تجمع اعصابها ، فان المفاجأة قد ادهشتها ، وهى تحاول ان تجمع فكرها .. وقالت .. ــ ما السبب ؟ كلنا نراكم في سعادة ، الفسح ، الاولاد .. ــ يا وفاء منذ اربع سنوات ، وانا اكتم في نفسي ، لا اريد ان اتكلم ، راضية بكل شيء ، يأتى متأخرا ، قلت في سبيل الله ، او عمله يتطلب منه هذا ، والبيت لا يعرف عنه شيء ، والأولاد لو سأله اح في اي عام دراسي هم ربما لا يعلم .. قلت زوجى وبيتي واولادى .. كلهم في قلبي ــ وماذا حدث بعد هذا ؟ ماذا حدث حتى طلبتي الطلاق ؟ ــ يا وفاء منذ اربع سنوات كما قلت لك ليس في فمه الا انا سوف اتزوج ان الله احل لى مثنى وثلاث ورباع ــ ضحكت وفاء .. يا اختى هذا مزاح وضحك ــ ضحك .. مرة .. مرتين .. لكن سنين !! ، لم اسمع منه كلمة حلوة ، لم يعد يرى سوى العيوب ، النملة من العيوب عنده قدر فيل .. !! ــ لا .. لا دى حاجة بسيطة ، وان شاء الله تعودي الى خير ما كنت عليه ــ طبعا يا وفاء انت تنظرين الى زوجك الذي يراعي احاسيسك ، ويشاركك في كل الامور ، اخر مرة كنت ازورك قالت لى نهى ابنتك ربنا يبارك فيهم أن بابا هو الذي اعد الطعام اليوم .. لكن انا نصيبي انتهى .. ــ يا اختى مهلا للأسف بعض الرجال يظنون ان الزواج شهر او عام ، وتنتهى عندهم العواطف ، وربما يخجل ان يقول لزوجته يا حبيبتي ، لقد افسدت الاغانى مذاق هذه الكلمة الطاهرة ، ولكن الزوجة احق من تقال لها ، انه مهما طالت فترة الزواج ، فان الكلمة الحلوة مطلوبة . ــ وفاء . انا لا يشغلني سوى الاولاد ، يذهب حيث يشاء ويتركنى وأولادى ولكن يطلقني قبل ان يتزوج ، ما عدت اعجبه في شيء ــ يا أختى صبرا ، ان كثرة تكرارها ، تعني انه حقيقة يمزح ــ هل تصدقين انه كرر على مسامعى اكثر من مرة " احنا متجوزين خفير " !! هل هذا يصح ؟ لا اعلم هل فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك باحدى زوجاته ؟ يشبهها بالخفير ؟! ونحن جميعا نعلم ما الخفير ! يشبهني برجل ، او هل فعل احد من الصحابة مثل هذا مع زوجته ؟ ــ لا تغضبي منى ، هل اهملتيه ؟ فان بعض النساء بعد الانجاب خاصة اكثر من طفل ، تتحول حياتها الى مشاغل الاولاد وتنسى زوجها ، ولا تتزين له ، هل تعطرين فراشه كما كنت تفعلين في الايام الاوائل ؟ هل تلبسين للفراش ثوبه ام تنامين الىجواره بثوب العمل الذي قد يحمل رائحة المطبخ من الثوم والبصل وغير ذلك ؟ هل تحرصين على طيب الكلام معه ؟ اننى استرعى انتباهك .. ما أيسر ان اجاملك ، ولكن افضل ان اصارحك ــ الله وحده يعلم كم انا مهتمة به ، وان كنت لا ابرئ نفسي من الخطأ وطبعا كثرة الاولاد ومشاغل العمل والبيت تجعل الانسان مقصرا ولكن هل هذا علاج الرجل الذي هو قوام البيت ؟ ــ هل تظنين ان في حياته امرأة اخرى ؟ ــ انا لا اقول دذلك ، لكن ماذا يعني حديثه الدائم عن الزواج بأخرى ؟ وماذا يعني حرمانى من الكلمة الطيبة ؟ اين هديته التى كان يقدمها لى كل عام ؟ اين لمسته الحانية ؟ اين بسمته الصافية ؟ على كل حال طالما هو يريد ان يتزوج فليطلقني ويتزوج . ــ صدقيني انا اولا اريد منك ان تراجعي موقفك منه ، وان تصلحي من حالك بالمنزل ، والفراش ، واهتمامك بنفسك ، لا تبدي التأثر بهذا الكلام ، فربما يردي ان يتدلل عليكي ولكنه اخطأ الاسلوب ــ مزاح ، تدلل !! لا يا وفاء انه يتكلم بما في نفسه ــ انا احب ان تصلحي حالك وتحسني من اقوالك معه وسوف تنتهى المشكلة باذن الله تعالى ... وبعد قليل استأذنت وفاء وهى متأثرة من ذلك ، وعادت الى بيتها وقدمت العشاء للأولاد وجهزت حقائب المدرسة لخالد ونهى ودخل الاولاد الى فراشهم ثم جلست الى سمير وفاء : لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولكن لا يقول الا حقا سمير : صلى الله عليه وسلم ، هذا حق وفاء : وكان يحافظ على احاسيس زوجاته ويداعبهن بالكلام الطيب سمير : صلى الله عليه وسلم ، هذا حق ولكن لماذا ؟ وفاء : ارديك يا سمير ان تعطي الاخوة بالمسجد درسا عن كيفية معاملة الرجل لزوجته ، وان لا يسمعها الا الكلمة الطيبة التى هى صدقة وانه لا داعى للمزاح الجارح ، بالله عليك ما معنى ان زوجا لسنوات كل فترة يقول لزوجته انا سوف اتزوج هل هذا اسلوب مزاح ؟ سمير : طبعا لا ان المرأة رقيقة الاحساس وتحتاج الى كلمة طيبة تساعدها على امر البيت والاولاد وفاء : وما معنى ان يقول الرجل لامرأته " انا متزوج من خفير " بالله عليك هل ورد هذا بكتاب الله او سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ان الذي يقعل ذلك يا سمير يلعب بالنار لكي يحرق بيته هل هذه هى المودة والرحمة ؟ سمير : صبرا يا وفاء ، انا لا اوافق على مثل هذه الاقوال ، ولكن لا بد ان لا ننفعل ونحن نعالج المشكلات الاسرية ، ولا نزيد النار اشتعالا ، بل علين ان نقدم المبررات لكل طرف حتى تقترب وجهات النظر ويتم الصلح وفاء : هذا ما فعلته والحمد لله ، لكنى اتكلم معك انت لكى توجه الطرف الاخر فان ارشاد الزوجة دون الزوج لا يتم به اصلاح الامر سمير : لك هذا ، وعلينا ان ننبه كل واحد منا بمراعاة شعور الاخر ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " خيركم خيركم لأهله ، وانا خيركم لاهلي " وفاء : اياك يا سمير ان تفكر مثلهم ! سمير : بعدك انت !!!!! لا يمكن الا بسبعين وفاء : نعم من الحور العين اسعدك الله بهن ، وجعلنى معك بالجنة سمير : ما أحلى ذكاؤك ، وعلى اى حال ارجو متابعة صديقتك حتى تتأكدى من انتهاء مشكلتها . وفاء : جزاك الله خيرا ورفعا ايديهما يسألان الله ان يجمعهما في الجنة اّمين
جلست وفاء في حجرة مكتب سمير ، فقد نام الاولاد ، شردت بعيداً ، ( طال غيابك يا سمير ) ، من الأمس وانت مسافر ، وستغيب اليوم ايضاً ، ما أصعب البعد .. هكذا حدثت نفسها أمسكت بمفكرة في يدها وأخذت تكتب .. الشوق والحنين اليك والقلب والفؤاد بين يديك يا زوجاً رضى الإله طاعته فجعلت روحى بين يديك كريم .. حنون .. تلك اوصافك والرقة والأدب من اخلاقك انتظرك لعلك تأتي فبعدك عني لا يغمض جفني قالت وفاء في نفسها .. ( اننى اشعر انه سيعود اليوم باذن الله تعالى، اذا ماذا انتظر ، لابد من الاستعداد ) .. فتحت الدولاب ، نظرت الى الملابس حتى امسكت بواحد منها .. "هذا مناسب " !! لبسته ووقفت أمام المراّة تصلح شعرها ، ووضعت حزاما عريضا على الفستان . لكن ماذا إذا لم يحضر ، .. ، هذا افضل من ان يعود فيجدنى غير مستعدة للقائه أمسكت كتاب ربها تتلو الاّيات وبعد ساعة تقريبا . سمعت صوت محرك سيارته يقف اسفل المنزل ، نظرت من الشرفة ، " هو سمير الحمد لله على عودته " .. وأسرعت تضع العطر ، وأصلحت الفستان ووقفت خلف الباب . وما ان اقترب ظله حتى فتحت الباب مرحبة به ــ حمدا لله على سلامتك ــ حمدا لله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وأغلق الباب خلفه ــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وصافحته ، واستقبلته احسن استقبال وقالت : " الحمد لله انك عدت لبيتك وأولادك سالما " ــ كيف حالكم انتى والاولاد ؟ ــ الجميع بخير والحمد لله ، ولكنك يا سمير تعبت جدا في السفر بالليل وانت تقود السيارة وليس معك احد ، ان الساعة الاّن الثانية بعد منتصف الليل . ــ انت سهرانة حتى الاّن ! ــ شعرت انك ستعود اليوم فجلست انتظرك ، كنت مشتاقة اليك ، بارك الله فيك لي وللأولاد ولكل المسلمين ، ولا يحرمنا منك . ــ ما أحلى كلماتك .. كل الحكاية انى انهيت الاعمال مبكرا فقلت لا بد ان اعود والحمد لله ، ولكن ما هذه المفكرة ؟؟! ــ هذه بعض المذكرات والذكريات والحايات التى اراها مفيدة ، أكتبها لأستفيد منها كما قال تعالى ( لقد كان في قصصهم عبرة ) فالذي يعيش المشاهد والمواقف لا بد ان يستفيد منها ــ المهم ان تكونى قد نويت نقلها للأخرين توسيعا للأستفادة منها وقد دعانا الله تعالى حين قص علينا القصص المختلف في القراّن وكذلك في السنة النبوية الى اخذ العبرة منها والحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق الناس بها . ــ لكن هل تساعدنى ، موافقة ، على ان تساعدنى في الصياغة والتعبير .. ــ ان شاء الله ، ولكن ما هذا الفستان الجميل ؟ نظرت اليه وقالت " الاّن فقط ! " ــ لا يا حبيبتي ، ولكنى بدأت بالاهم انتى والاولاد ، والاّن متى اشتريت هذا الفستان ؟ ومن اين كل هذا ؟ ابتسمت بلطف ثم قالت " انا لم اشتر .. اتذكر الفساتين اللى كنت امتلكها قبل الحجاب والزواج ، هذا واحد منها طورته ووسعته وأضفت اليه قطعة قماش مناسبة فأصبح كما ترى .. في غاية الجمال كما تقول ــ حقا جميل جدا .. ثمنه بالمحلات بالمئات وانت حقا سيدة مدبرة .. بسم الله ما شاء الله ، كما يقولون ، لا يحسد المال الا صاحبه " احفظ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " هكذا كان النبي صلي الله عليه وسلم يرقي حسنا وحسينا رضى الله عنهما ــ أعجبك يا سمير ؟ الحمد لله .. هذه سعادتى ان اراك سعيدا مبسوطا مسرورا ، فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( اذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها واطاعت زوجها قيل لها ادخلى من اى ابواب الجنة شئت ) الحمد لله الذي جعلنى مرضية عندك . ــ وفاء .. انتى ما شاء الله من اعظم نعم الله عليّ لقد تحقق فيك قول النبي صلى الله عليه وسلم " ألا اخبركم بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة اذا نظر اليها سرته واذا غاب عنها حفظته واذا امرها طاعته " . ــ لكنى لا استحق شيئا من هذا كله ، وكما يقولون " عين الرضا عن كل عيب كليلة " ــ يا مؤمنة ، انت تقولين هذا كي امدحك اكثر واكثر ، حقيقة انت .. حسنة الدنيا . فتح سمير حقيبة يده ، واخرج لفافة صغيرة واعطاها لزوجته .. تفضلي ! ــ انت لا تنس ما احب ، ما أرق هذه اامشاعر ، نعم يا سمير ليس المهم قيمتها المادية ، المهم احساس انك تتذكرنى ، سبحان الله ما رأيتك يوما تدخل البيت الا وتلقي السلام ، ولا تأكل الا وتسمي ، ولا تغيب الا وتذكرنى بشيء مما احب .. بارك الله فيك يا غالي . ــ وبارك فيكي يا حبيبتي .. كيف انسى أرق وانبل المشاعر ،، انت الوفاء ، ان الرجل الذي يدخل البيت ولا يسلم على اهله يدخل الشيطان الى بيته ، وان الذي يأكل ولا يسمي يأكل معه الشيطان هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم اما الحرص على احاسيسك فهذا اكتسبته من دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته . ــ أحضر لك العشاء يا سمير ؟ ــ شكرا ، لقد اكلت قبل العودة حتى لا ارهقك نظر سمير للأولاد في حجرتهم ثم ذهب الى فاشه ، جهزت له الفراش ، وساعدته في تغيير ملابسه ، وقالت له الحمد لله على سلامتك نام سمير من شدة الارهاق .. نفثت وفاء في كفيها وقرأت سورة الاخلاص والمعوذتين ومسحت معظم جسمه ثلاث مرات .. وهي تتخيل ما كانت تفعله عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم نظرت وفاء اليه .. كأنها لم تشاهده من قبل .. ووضعت الغطاء عليه وهى تدعو الله ان يبارك فيه
تعملت فنون الحب بكل أنواع الجنون
تعلمت حين أقول نعم فقط من أجل العيون
الحب حرب وكل من قادها ياعمرى مجنون
لاتسأل من أكون أنا من كتب دستور الحب وأنا من وضع له قانون